العالم رينيه ديكارت
نهاد محمد إدريس الشريف - آخر تحديث:
١٧:٠٩ ، ١٥ يونيو ٢٠٢٠

محتويات
العالم رينيه ديكارت
ديكارت فيلسوف وعالم رياضي وفيزيائي فرنسي لُقّب بأبي الفلسفة الحديثة، وتوجد الكثير من أبحاث الفلسفة التي جاءت بعده، وتعد انعكاسًا لأبحاثه التي ما زالت تُدرّس حتى اليوم، خاصةً كتابه (تأملات في الفلسفة الأولى) الذي أصدره في عام 1641 ميلاديًا، وقد كان لديكارت تأثير في علم الرياضيات أيضًا، إذ إنه ابتكر نظامًا رياضيًا لشكل النواة الأولى للهندسة التحليلية، وعُرف النظام باسم نظام الإحداثيات الديكارتية.
وساهم ديكارت أيضًا في توقد الثورة العلمية في أوروبا في القرن السابع عشر الميلادي، وكان عالمًا مبدعًا من الدرجة الأولى، وهو مُفكر علمي مهم، والعالم الميتافيزيقي الأذكى، وقد طور التقنيات التي جعلت الهندسة الجبرية والتحليلية قسمًا يختلف عن باقي أقسام الهندسة، وفي الفلسفة تُنسب إليه العديد من الإنجازات، وقد قدم رؤية جديدة للعالم الطبيعي الذي يُشكّل فكرنا اليوم، وقدم بعض الخصائص الأساسية والتفاعلية النفسية، وادعى ديكارت أنه يمتلك طريقة خاصة تعرِض بشكل مختلف علوم الرياضيات والفلسفة والميتافيزيقا.[١]
نبذة عن حياة العالم ديكارت
وُلد الفيلسوف رينيه ديكارت في 31 مارس 1596 ميلاديًا في بلدة صغيرة تسمى لاهاي أون تورين تقع في وسط فرنسا، وفيما بعد أعيدت تسمية هذه البلدة باسم عالمها الأكثر شهرة، وعندما ولد كان أصغر ثلاثة أطفال، وتوفيت والدته جين بروشارد خلال السنة الأولى من حياته، لذا أُرسل مع أخوته للعيش مع جدتهم لوالدهم يواكيم ديكارت عضو المجلس في البرلمان الإقليمي، وقد كان والدهم مهتمًا جدًا بالتعليم وأرسل رينيه وهو في سن الثامنة إلى مدرسة داخلية تابعة لكلية هنري في مدينة لا فليش، وبقي يدرس فيها مدة سبع سنوات، وكان فيها طالبًا ذا سمعة جيدة، ولكن كان يُعتقد بأنه مريض وسُمح له عدم الالتزام بالجدول الدراسي الصارم للمدرسة.
درس رينيه في المدرسة عدة مواد فلسفية زودته بمعرفة جيدة أفادته في مستقبله كفيلسوف، وبعد تخرجه من المدرسة قضى السنوات الأربع التالية في الحصول على شهادة البكالوريوس في القانون من جامعة بواتييه، وبعد مدة بسيطة أضاف ديكارت علم اللاهوت والطب إلى دراساته، ولكنه لم يكمل هذه الدراسات، لذا سافر وانضم إلى الجيش لفترة قصيرة، وشهد بعض المعارك، وبعد سنة من تخرجه من جامعة بواتييه، قال ديكارت أنه رأى سلسلة من ثلاثة أحلام أو رؤى قوية للغاية حددت مسار دراسته لبقية حياته.[٢]
وفي عام 1629 ميلاديًا ذهب إلى جامعة فرانكير، وأقام مع عائلة كاثوليكية وكتب المسودة الأولى من تأملاته، وفي عام 1630 ميلاديًا سجل للدراسة في جامعة ليدن، وفي عام 1631 ميلاديًا زار الدنمارك مع الطبيب والكيميائي إتيان دو فيلبريسو مُخترع المُحركات المحمولة، والجسر المحمول والناقلة بعجلتين، وفي ذلك الوقت أيضًا تشارك ديكارت والطبيب هنري ريجيوس في عدة بحوث، وتشارك مع عالم اللاهوت الكالفيني جيسبرتوس فوتيوس في رسالة مشتركة عام 1648 ميلاديًا وجه فيها ديكارت نداءً للتسامح الديني وحقوق الإنسان، وقال أنه لا يكتب للمسيحيين فقط، بل أيضًا للأتراك (بمعنى المسلمين)، والملحدين والكفار، وقال بما أن البروتستانت والكاثوليك يعبدون الله نفسه، فيجب للمذهبين التسامح لأن التابعين لكلا المذهبين يأملون دخول الجنة.
وفي عام 1635 ميلاديًا ولدت ابنة ديكارت فرانسين من والدتها هيلينا يانس، وكان تعميدها في الكنيسة البروتستانتية في ديفينتر على أنها ابنته، ولكن توفت هذه البنت وهي في سن الخامسة بسبب الحمى، وكانت وفاتها أعظم حزن في حياة ديكارت كما لمّح، وكان هذا واضحًا على تصرفاته وملامحه من بعد هذه الحادثة، وقال ديكارت إنه لا يعتقد أن المرء عليه الامتناع عن البكاء لإثبات نفسه رجلًا أمام الناس.[٣]
وقد توفي العالم في مدنية ستوكهولم في السويد في العام 1650م، بعد أن قضى أكثر من عشرين عامًا في هولندا في آخر حياته، ولكن سبب انتقاله للسويد كان بطلب من ملكة السويد كريستينا ليكون معلمها الأول في الفلسفة، وبسبب إصرار الملكة على درس كان يعطيه لها في الساعة الخامسة صباحًا أصابه التهاب رئوي حاد أدى لوفاته في سن 53، وبحسب تقاليد السويد كبلد بروتستانتي دُفن في مقبرة للأطفال غير المعمدين، ولاحقًا نُقل رفاته لأقدم كنائس باريس.[٤]
نهج العالم ديكارت
عام 1633 ميلاديًا أدان العالم الفلكي الإيطالي جاليليو العالم ديكارت بالهرطقة بسبب نشره بحثه الذي يقول أن الأرض تدور حول الشمس وليس العكس، وهذا سبَّب كبح جماح اندفاع ديكارت ووقف نشر بحثه المليء بالخطابة خوفًا من الكنيسة، ولكنه ظل يتأمل أن تحل الفيزياء يومًا ما محل أرسطو في عقيدة الكنيسة وأن تدرس الفيزياء في المدارس الكاثوليكية بدلًا من اللاهوت، والبداية الحقيقية لديكارت في أسلوب الخطابة كانت عام 1637 ميلاديًا، وقت أول أعماله الفلسفية المُهمة، وقال عن الكتاب الذي ألفه بأنه يتأمل من الكل قراءته حتى النساء، وفي ثلاث مقالات مرافقة للخطاب أوضح طريقة استخدامه للعقل في البحث عن الحقيقة من خلال ثلاثة علوم، وهي علم التنجيم، والأرصاد الجوية، وفي الهندسة التحليلية مما جعل العمليات الحسابية الجبرية الكبيرة سهلة الحل، وفيما بعد استخدم عدة صفات مشتركة في جميع خطاباته، وهي:[٣]
- إطاعة العادات والقوانين المحلية.
- اتخاذ القرارات واستنتاج الحلول من أفضل الأدلة، ثم التمسك بها بحزم كما لو كانت حقيقة مُطلقة.
- تغيير الرغبات النفسية من وقائع العالم وتطوره.
- السعي دائمًا للحقيقة.
- المحافظة على خواص؛ حسم الأمور، والأعصاب الباردة والتفاني في العمل.
- وافق في جميع أبحاثه وخطاباته بين علوم الميتافيزيقيا، والفيزياء، والطب، والرياضيات، والميكانيكا.
الجانب الفلسفي في حياة ديكارت العلمية
كان للعالم ديكارت أفكارًا فلسفية قوبلت بموافقة بعض علماء عصره ورُفضت من البعض الآخر، ففي العام 1641م نشر كتابه الفلسفي "التأملات الديكارتية"، الذي يعالج فيه مباشرةً أمورًا فلسفية محضة، وفيه حاول العالم إثبات وجود الله وخلق الروح، وقد كتبه باللغة الللاتينية، وهي اللغة التي كانت تتميز بها الكتابات العلمية آنذاك، وقد ركزت المحاور الرئيسية في الكتاب على علماء اللاهوت المسيحيين وكيفية الرد على معتقداتهم، فانتقدهم ديكارت في العديد من هذه المعتقدات، والتي أهمها نقد نظرية السيطرة الجماعية التي يمارسها هؤلاء على البشر، وأن النهج الصحيح من وجهة نظره هو الموضوعية في طرح الأفكار وتقبل الرأي الآخر، وأن هذا النهج هو السبيل للتقدم في العديد من المجالات لاسيما في السياسة، في إشارة منه إلى الحرية الفكرية التي يجب أن يتمتع بها البشر.
وبسبب أهمية الكتاب تُرْجِمَ للفرنسية حتى يستطيع عامة الشعب قراءته وفهمه، وفي إشارة أخرى لمحللي الفكر الفلسفي للعالم ديكارت مفاده أن العالم كان يؤكد في طرحه الفلسفي على ضرورة تبرير العلم من خلال الحجج الفلسفية، كي يتقي النزاع مع الكنيسة في حال تعارضت فلسفته مع الدين، ففي كتابه المشار إليه حاول العالم التوفيق ما بين الفلسفة والدين، وبالرغم من ذلك وصفته الكنيسة بالزنديق، والخروج عن المسار الديني الصحيح، وأصبح كتابة محرمًا في العام 1666م بعد موته بـ 16 عامًا، والمتشددون من المسيحيين منعوا تدريسه في الجامعات، وأخيرًا وبعد تغير الفكر الديني الأوروبي أصبح هذا العالم بطلًا في نظرهم كما وصفه "هيغل".[٥]
أهم مقولات العالم رينيه ديكارت
للعالم ديكارت مقولات اشتهر من خلالها وجذبت العديد من مفكري العصر الحديث لمضامينها، فقد أشارت لمعاني جميلة، هي كالآتي:[٤]
- لا يكفي للإنسان امتلاك العقل السليم فقط، وإنما هو كيف سيستخدم عقلة على النحو المناسب.
- في مقولة له عن نظرة الإنسان المتفائل والمتشائم، أشار إلى أن المتفائل قد يجد الضوء الذي لا جود له، في حين أن المتشائم يسعى لإطفائه.
- وفي البحث عن الحقائق فقد أكد في مقولته أن من يبحث عن الحقيقة بالضرورة أن يشك في نفسه وحياته ولو لمرة واحدة، وفي كل شي قدر استطاعته.
حقائق عن العالم ديكارت
عاش الفرنسي رينيه ديكارت خلال عصر النهضة وبعده، وجسد اهتماماته بقوانين كثيرة للرياضيات، والفلسفة، والفن وطبيعة الإنسانية، ولقد حقق العديد من الاكتشافات، وجادل كثيرًا من الأفكار التي لا يزال الناس يتصارعون معها، والكثير من الصراعات والأمور الغريبة حدثت في حياة ديكارت لا يسعنا ذكرها كلها، ولكن فيما يأتي بعض المقتطفات عن حياة ديكارت:[٦]
- لم يسمه أحد رينيه، بل هو من سمى نفسه، فغالبًا ما كان يستخدم أسماء مستعارة في خطاباته خاصة اسم دي بيرون du Perron.
- كانت عائلة ديكارت تأمل بأن يصبح ابنها رينيه محاميًا كأغلب أبناء العائلة.
- أسس الأرضية والقواعد لعلم الهندسة.
- قال العبارة الشهيرة والتي لا تزال تُستخدم لليوم وهي (أنا أعتقد لذلك أنا كذلك).
- أحب رينيه ديكارت الاختباء من الناس.
- لم يكن يخاف من النقد، وأعاد نشر تأملاته الفلسفية الأولى بعد نقدها الشديد.
- اعتقد ديكارت بأن القرود يمكنها التحدث وشرح سبب اعتقاده.
- كان ينام لما بعد الظهر، ولا يهتم للعادات والتقاليد الأوروبية.
المراجع
- ↑ "René Descartes", plato,16-1-2014، Retrieved 29-11-2019. Edited.
- ↑ "René Descartes Biography", biography,16-4-2019، Retrieved 29-11-2019. Edited.
- ^ أ ب Richard A. Watson (30-10-2019), " René Descartes "، britannica, Retrieved 29-11-2019. Edited.
- ^ أ ب "من هو رينيه ديكارت "، arageek، اطّلع عليه بتاريخ 19-6-2019. بتصرّف.
- ↑ "قصة حياة ديكارت"، albayan، 29-6-2006، اطّلع عليه بتاريخ 19-6-2019. بتصرّف.
- ↑ Lucas Reilly (17-7-2018), "17 Things to Know About René Descartes"، mentalfloss, Retrieved 29-11-2019. Edited.
مواضيع ذات صلة بـ : العالم رينيه ديكارت