الفرق بين الرغبة والحاجة في الفلسفة
نهاد محمد إدريس الشريف - آخر تحديث:
٠٦:٤٩ ، ٢٥ سبتمبر ٢٠١٩

محتويات
الرغبة والحاجة في اللغة
أتت كلمة رغبة في المعاجم العربية كلسان العرب لابن منظور بمعنى الحرص على الشيء، ويُقال رغب عن الشيء أي تركه متعمدًا؛ أي زهد فيه ولم يرده، ويُقال رغبت بفلان عن هذا الشيء أي كرهته له، وفي المعاجم الأعجمية Désir أي الرغبة تعني الميول الذي يدفع الإنسان لتحقيق اللذة، أما الحاجة في اللغة فتعني ما يفتقر له الإنسان ويطلبة من حاجات مادية وروحية، فنقول الحاجة أم الاختراع، ونقول قضى حاجته أي ذهب إلى الخلاء، فالحاجة هي الشيء الذي لا يمكن الاستغناء عنه ويوجد أمر ملح لتحقيقه. [١] .
الرغبة والحاجة في الفلسفة
تعرف الرغبة في الفلسفة على أنها الأشياء التي يسعى الإنسان للحصول عليها في جانبه النفسي، فهي مرتبطة بالأشياء غير الملموسة عنده من أحاسيس ومشاعر، إذ يطمح الإنسان بالوصول إليها لتتحقق عنده سعادة من نوع ما، في حين الحاجة ترتبط من الناحية الفلسفية بالجوانب المادية عند الإنسان، فالإنسان يحتاج للأكل حتى يبقى على قيد الحياة، إذ تحدث عالم الفلسفة "رالف لينتون" فأفاد أن الحاجة قد تتحول لرغبة، وقد فسر ذلك بقضية لباس الإنسان، فيقول بأنه حاجة وضرورة بيولوجية لحماية الإنسان وجسده من البرد ثم تحولت لرغبة عند الإنسان يحقق من خلالها المكانة الاجتماعية، ويحصل فيها على إعجاب الآخرين، ومنها أيضًا يُثار الإنسان جنسيًا أو يُكبت، وفي حين يتخذ البعض من الملابس أسلوبًا للتعبير عن العفة والتودد، فقد عبر الفلاسفة عن علاقة الرغبة والحاجة بشكل يختلف عن علماء النفس، فعالم النفس ميلاني يقول أن العلاقة التي تربط الحاجة بالرغبة هي نفسية لا شعورية كما هي في رضاعة الطفل، في حين يرى رالف لينتون أن العلاقة بين الحاجة والرغبة تتأثر بالثقافة المجتمعية التي تختلف من شخص لآخر كما هو في مثال اللباس الذي يرتديه الإنسان. [٢] .
الرغبة والحاجة والمطالبة في علم التسويق
علماء التسويق من أكثر العلماء الذي يهتمون بدراسة حاجات الإنسان ورغباته ومطالبه، لا سيما أن هذه المصطلحات الثلاثة هي محور العملية التسويقية في نظرتها للزبائن أو العملاء في الوقت المعاصر، إذ أصبحوا يحددون طبيعة العملية الإنتاجية وخصائصها وجودتهاح إذ تحولت العملية الإنتاجية من عمليات إنتاج من أجل البيع إلى عمليات إنتاج من أجل حاجات ورغبات ومطالب الزبائن، ومن الطبيعي أن علماء التسويق اعتمدوا نفس المفاهيم التي أشار إليها علماء النفس لمساعدتهم في معرفة الوجهة التي سيركزون عليها، أهي الحاجة أو الرغبة أو المطالبة في تسويق منتجاتهم وتحقيق أعلى عائد ممكن من المبيعات، فالحاجة في نظرهم هي الأساسيات الحياتية كوجود الهواء والماء والملبس والمسكن، بالإضافة لحاجة الترويح عن النفس والترفيه والتعليم، وجميعها لا تحتاح لتسويق أو دعاية حتى يؤديها الإنسان، فهي موجودة أصلًا في الإنسان وضرورية لوجوده، أما الأهم لدى علماء التسويق هو الرغبة Wants، والتي تتحول من الاحتياجات بعملية توجيهية لتلبية أهداف محددة؛ فهدف العملية التسويقية هو تحفيز الرغبات لدى الفئات المستهدفة، كالمستهلكين والعملاء والزبائن، والحاجة عند جميع البشر هي واحدة، فالبشر دون استثناء بحاجة إلى الغذاء، ولكن الرغبة تكمن في طبيعة الطعام، وطريقة تناوله التي يسعى الزبائن لتحيقيها، وأخيرًا يعد علماء التسويق أن المطالب Demands هي رغبات في الحصول على منتجات محددة مدعومة؛ فالجميع يرغبون باقتناء سيارة فاخرة، في حين أن عددًا قليلًا منهم يطلب هذه السيارة ويقدر على شرائها.[٣] .
أهم الفروقات بين الرغبة والحاجة في الصفات والخصائص
إن الحاجة ضرورية لبقاء الذات، في حين الرغبة هي نزعة أو ميل من شأنها تحقيق اللذة والاستمتاع للذات بغض النظر هل الذات تحتاجها في الواقع أم لا، وفيما يأتي أهم الفروقات بين الحاجة والرغبة [١]:
- الرغبة لا تتصف بالضرورة الحيوية: فلا يعتمد تحقيق الإنسان لها ببقاء الذات، وهي على النقيض أحيانًا فإشباعها قد يهدد بقاء الذات، وفي هذه الحيثية تكمن الرغبات الإنسانية عن الحاجات الحيوانية، فالحيوان يحتاج أكثر مما يرغب، في حين أن الإنسان يرغب أكثر مما يحتاج، بمعنى أن الإنسان لا يرضى بالعيش القليل، وهو سر وجود الإبداع الإنساني وتعمير الأرض، فالإنسان يمكن أن يعيش في غابة مع الحيوانات ويحقق حاجاته، ولكنه دائمًا يسعى لتحقيق الرغبات التي تحقق له الحياة الأفضل والعيش برفاهية.
- العلاقة بين الرغبة والحاجة ليس بالضرورة أن تكون متلازمة: فالإنسان بحاجة في بعض الأحيان لممارسة الرياضة أو ترك التدخين لأسباب صحية، ولكنه لا يرغب في ممارسة الرياضة أو الابتعاد عن التدخين.
- الحاجة تتعلق بموضوع محدد: كالحاجة إلى الأكل أو المأمن في حين أن الرغبة متعددة المواضيع وليس لها دقة في صفتها كونها لا شعورية، فالإنسان يعلن رغبته في الحصول على شيء ما، وقد لا تكون هي الرغبة الحقيقية لها وإنما يريد منها شيًا آخر، كالمراهق الذي يرغب في اقتناء سيارة فخمة والرغبة الحقيقة هي نيل إعجاب فتاة أحلامه، أما عندما يعلن الإنسان أنه جائع كثيرًا فلا تفسير آخر لحاجته سوى الحصول على الطعام.
- تغير الرغبات عند الإنسان: تتغير الرغبات عند الإنسان نتيجة تغير الكثير من العوامل والأحداث في حياته، فعند تقدم الإنسان في السن تضعف أو تنتهي رغباته في الكثير من الأمور، في حين لا تتغير الحاجات عنده كتناول الطعام كأساس في بقائه على قيد الحياة، وقد تؤدي الرغبات التي يحققها الإنسان أحيانًا إلى هلاكه، كمن يرغب في تسلق الجبال التي قد تهدد حياته أو تنهيها.
المراجع
- ^ أ ب "الرغبة والحاجة: الفلسفة"، empire-sciences، اطّلع عليه بتاريخ 9-8-2019. بتصرّف
- ↑ rami abdelghani (12-7-2014)، "الرغبة والحاجة : ميلاني كلاين"، philomaroc، اطّلع عليه بتاريخ 9-8-2019. بتصرّف.
- ↑ تركي فهد (16-6-2012)، "ما هو الفرق بين الحاجة، الرغبة و المطالبة في التسويق ؟"، turkifahad، اطّلع عليه بتاريخ 9-8-2019. بتصرّف.
مواضيع ذات صلة بـ : الفرق بين الرغبة والحاجة في الفلسفة