الفرق بين مدين ودائن
حياتكَ - آخر تحديث:
٠٥:٢٠ ، ٢٦ يوليو ٢٠١٨


لطالما وجدتها غامضةً، كلمات سقراط الأخيرة. عندما قال لتلميذه كريتوس: " أنا مدين بديك ل آسكليبيوس المخلص، فلا تنسى أن ترد الدّين يا كريتوس".
قال سقراط هذه الكلمات مودعًا الحياة وهو بانتظار إعدامه، ولا أظنّ أن كريتوس نفسه قد فهم مقصد أستاذه من هذه الكلمات! ولم استهلك أستاذ الأخلاق العظيم آخر أنفاسه ليوصي بضرورة سداد دين لشخصية وهمية أصلًا!!، حيث اعتبر آسكليبيوس أو أسقليبيوس حسب الأساطير الإغريقية القديمة، إله الطب والشفاء والتداوي.
فهل كره سقراط الحياة حقًّا لدرجة جعلت من الموت في نظره العلاج الشافي؟ أم أنه كان في شك طوال الوقت تجاه نظرته لها، ليدخل رهانًا مع إسكليبيوس العظيم حيال رأي كل منهما، وها هو في النهاية كما يظهر قد كسب إسكليبيوس هذا الرهان وترك سقراط مدينًا له (على ما يبدو) بديك!
لنترك هذه القصة جانبًا لبعض الوقت وندعنا قليلًا من هلوسات سقراط، ولنتحدث عن موضوع الديون بشكل عام، فما هو الدين؟، وما هي أطرافه؟، وما هي أوجه الاختلاف بين هذه الأطراف؟
يعرف الدين على أنه عبارة عن تبادل مالي أو خدماتي بين طرفين، أحدهما يسمى الدائن والآخر المدين، ويحمل هذا التعاقد الصّفة الرضائيّة بين هذين الطرفين، حيث يلزم المدين برد أصل الدين وفوائده ( في حال تم الاتفاق عليها) في الأوقات والمواعيد المحددة والمتفق عليها. ويعد الدَّين مصدرًا استثنائيًا لتمويل العمليات الاقتصادية (الفردية منها أو المؤسسيّة) في حال قصور المصدر الرئيسي عن تمويل هذه العمليات. وقد يأخذ الدّين عدة أنواع وأصناف، يمكن تقسيمها حسب مصدرها، ومدّتها وأجلها، واستعمالها، وموقعها من القانون، كالتالي:
1. أنواع الديون حسب المصدر:
ديون داخلية: وتعتبر تداولًا محليا بين الأفراد في الإقليم نفسه، وتعتمد على العملة المحلية في ذلك الإقليم، ولا تتأثر بتغير القدرة الشرائية نظرًا لثبات كمية النقود، فلا يؤدي هذا الدين إلى وقوع اختلال في الدورة الاقتصادية المحلية، ولا يشكل عبئًا على ذلك الإقليم.
ديون خارجية: وتمثل القروض المتنقلة بين الدول على شكل عملة صعبة، وتتطلب عملية الاقتراض هذه صرف العملات.
2. أنواع الديون حسب الأجل:
ديون قصيرة الأجل: وهي قروض لا تتجاوز السنتين، ويتم فيها تداول الأصول التجارية كالسلع والمواد الأولية والحسابات الجارية، قد يتم اللجوء لاستعمالها في تمويل عجز الميزانية بصفة طارئة بواسطة الأوراق التّجارية، ويكون معدل الفائدة لهذا النوع من القروض مرتفعًا، ويعدّ مؤشرًا على تدهور حالة المدين.
ديون متوسطة الأجل: وتتراوح مدتها من سنتين إلى خمس سنوات، وتستعمل في تجهيز المؤسسات بالمعدات والأدوات، وتتم عملية التسديد في هذا النوع عن طريق استهلاك الأصول المتداولة.
ديون طويلة الأجل: وهي قروض تفوق مدتها 5 سنوات، وتستعمل لتمويل المؤسسات والمشاريع والميزانيات، ويتم فيها الحصول على الأصول الثابتة بشكل أسهم خاصة وعامة.
ديون غير محددة المدة: قد يكون الدين بدايةً مستحقا بتاريخ معين، وفي حالة عجز المدين عن التسديد، يقوم الدائن بمنحه تاريخًا غير محدد الأجل لتسديد الدين.
3. أنواع الديون حسب موقعها:
ديون عامة: ويكون أحد طرفيها الدولة أو أحد هيئاتها، وعادةً ما تكون مقترضةً لتمويل خزينتها العمومية في حالات العجز.
ديون خاصة: وتتمثل هذه النوعية من الديون بالجمع بين طرفين خاصين، بهدف الحصول على الأرباح جراء تشغيل الأموال المقترضة.
4. أنواع الديون حسب الاستعمال:
ديون استهلاكية: تستعمل هذه الديون لتمويل شراء السلع والخدمات بقصد الاستهلاك، والمقرض في هذا النوع دائمًا هو الدولة، ونظرًا لصعوبة سداد هذه القروض يمكن إدراجها تحت قائمة الديون طويلة الأجل.
ديون استثمارية: ويتم استعمال أموال هذا النوع من الديون في إنشاء المشاريع وتوسعتها بقصد الربح، أو من خلال عمليات المنفعة العامة وذلك عن طريق تجهيز وإقراض المؤسسات العامة. تعتبر الديون الاستثمارية أيضًا ديونًا طويلة الأجل.
وبعد أن تحدثنا عن الدين وبعض أشكاله، سنستعرض وباختصار أطراف هذه العلاقة الماليَّة وإيضاح أهم السمات والفروق بين هذين الطرفين.
أولًا: الدائن :creditor
الدائن أو صاحب الدين في الاقتصاد، هو الطرف الأول في عملية الدين، وهو صاحب الحق في العملية التداولية ويعتبر مستحقًّا لمبلغ يدفعة الطرف الآخر (المدين)، وقد يكون الدائن شخصًا أو مؤسسةً أو شركةً أو حكومةً.
وبالعادة يقوم الدائن بتقديم مال أو خدمة أو شيءٍ من أملاكه للطرف الثاني، ويكون هذا الدين موثقًا باتفاق بين الطرفين، يلزم الأول بأصول تقديم ذلك القرض، والثاني بإرجاعه بعد انتهاء الفترة المتفق عليها، وقد يحمل الدائن اسم صاحب الدين عند الإشارة لبعض أنواع الاستلاف والديون والقروض، مثل عمليات الرَّهن Mortgage، والسند Bond، والسلفة قصيرة الأمد Loan.
ثانيًا: المدين Debtor:
يعتبر المدين الطرف المطالب بسداد الدين لصاحبه، وهو الدّائن، وقد يحمل المدين هيئة شخص، أو شركة، أو مؤسسة، حكومية أو مدنية. وإذا كان أحد المتعاقدين مصرفًا حمل المدين هنا صفة المقترض أو المستلف Borrower، كما يحدث في القروض البنكيّة والمصرفية.
ويعد المدين ملزمًا حسب بنود الاتفاق المشترك مع الدّائن أو المقرض، بسداد ما يترتب عليه من أموال وفوائد كما هو متفق عليه بينهما وحسب المواعيد والآجال المقررة في ذلك الاتفاق.
وعند الإخلال بأي بند من بنود التعاقد تلك، كوقوع المدين في القصور Default مثلًا ، كأن يمتنع عن السداد، أو أن يتخلف عن مواعيد السداد المتفق عليها، أو حتى الإخلال بأي من التعهدات المنصوص عليها في التعاقد، سيمتثل المدين للقانون ويعد مسؤولًا أمامه، حتى يتم تعويض الدائن.
أما بالنسبة للفرق بين مسميي دائن ومدين في علم المحاسبة والمصارف Bookkeeping، فعادةً ما يرمزان لما يمكن اعتباره سالبًا أو موجبًا في الفواتير Bills، فلو تفحصنا ورقةً مالية لشخص ما، ككشف حساب في البنك مثلًا، فيمكننا تسمية عمليات الإيداع المالية في ذلك الحساب بدائن Credit، وبذلك سنعتبر عمليات السحب من ذلك الحساب بمدين Debt. ويمكننا طبعًا اعتبار العكس من وجهة نظر البنك. فعمليات الإيداع تعتبر مدينًا Debt، (لأن البنك اقترض هذه المبالغ بقصد تشغيلها)، وعمليات السحب تمثل الدائن Credit، وهكذا..
مواضيع ذات صلة بـ : الفرق بين مدين ودائن