أدعية من المظلوم على الظالم
هبه الجندي - آخر تحديث:
٠٩:٢٤ ، ١ يوليو ٢٠٢٠


الظلم
الظلم في اللغة يعني الجور ووضع الشيء في غير موضعه، أما في الاصطلاح فهو نقيض العدالة وغيابها، ويطلق على مجاوزة الحد في مُلك الآخرين والتصرف بما لهم دون رضا أو علم، وهو فعل مسيء وسيّئ، ففي الشريعة الإسلامية تحذير مباشر في من الظلم وما يعقبه أضراره على المجتمع، قال الله تعالى:{فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[١]، وفيها إشارة إلى يوم القيامة حين يعيد الله الحقوق إلى أصحابها ويرفع الظلم عن العباد ويجازي الظالمين عقابًا شديدًا بسبب ظلمهم، وفي ذلك اليوم الحساب يكون بالعدل لا زيادة أو نقصان فيه، فالنفس لا تُظلم، والجزاء يكون بحسب العمل الدنيوي.
أما في الدنيا فلا يوجد أكثر من الظلم أشد وقعًا على النفس البشرية، ولكن البطولة في الدنيا قبل الآخرة عند المؤمن عندما يصبر ويحتسب في مواجهة ما قد يتعرض له من ابتلاءات وتكدر للحال، فالكثير من الأحيان لا سيما في غياب الشريعة الإسلامية لا ترد الحقوق إلى أصحابها، وبالتالي سيقع الظلم بشتى الأنواع والأحوال، وهنا لا يجد الإنسان خلاصًا سوى التوجه بالدعاء على الظالم، للشعور الذي ينتابه عند تعرضه للظلم، وهو ما سنفصله في المقال لاحقًا.[٢][٣]
أدعية من المظلوم على الظالم
حرم الله سبحانه وتعالى الظلم على نفسه أي أنه منع نفسه من ظلم عباده، قال الله تعالى:{وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}[٤]، وقال:{وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ}[٥]، وقال:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئً}[٦]، أما العباد فالظلم أحد الذنوب العظيمة التي حذر منها المولى سبحانه وتعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، فالظلم هو أكثر ما يجلب القهر والألم لقلب المظلوم، كما أن دعوة المظلوم لا ترد، ففيه تعدٍ على الحق بالباطل ووضع الأشياء في غير مواضعها الصحيحة، وهو سلب الحقوق من الأشخاص زورًا وبهتانًا، كما أنه الانحراف عن طريق العدل والانحياز للباطل، فقد يقف الإنسان عاجزًا عن الدفاع عن نفسه أمام الظالم بسبب قلة الحيلة أو النفوذ وسلطة الظالم واستغلاله لقوته على نحو خاطئ، فتضيق بالمظلوم السبل ولا يجد ما يصنع، لهذا ترك الله باب الدعاء مفتوحًا فهو قريب يسمع مناجاة المظلومين،[٧] وفيما يأتي أدعية يقولها الإنسان المظلوم:[٨]
- الدعاء الأول: يا ربّ أغلقت الأبواب إلّا بابك، وانقطعت الأسباب إلا إليك، ولا حول ولا قوة إلّا بك يا ربّ اللهم إنّي ومن ظلمني من عبيدك، نواصينا بيدك، تعلم مستقرّنا ومستودعنا، وتعلم منقلبنا ومثوانا، وسرّنا وعلانيّتنا، وتطّلع على نيّاتنا، وتحيط بضمائرنا، علمك بما نبديه كعلمك بما نخفيه، ومعرفتك بما نبطنه كمعرفتك بما نظهره، ولا ينطوي عليك شيء من أمورنا، ولا يستتر دونك حال من أحوالنا، ولا لنا منك معقل يحصّننا، ولا حرز يحرزنا، ولا هارب يفوتك منّا، اللهمّ إنّ الظالم مهما كان سلطانه لا يمتنع منك فسبحانك أنت مدركه أينما سلك، وقادر عليه أينما لجأ، فمعاذ المظلوم بك، وتوكّل المقهور عليك، اللهمّ إنّي أستغيث بك بعدما خذلني كلّ مغيث من البشر، وأستصرخك إذ قعد عنّي كلّ نصير من عبادك، وأطرق بابك بعدما أغلقت الأبواب المرجوّة، اللهمّ إنّك تعلم ما حلّ بي قبل أن أشكوه إليك، فلك الحمد سميعًا بصيرًا لطيفًا قديرًا.
- الدعاء الثاني: أيا ربّ ها أنا ذا يا ربّي، مغلوب مبغيّ عليّ مظلوم، قد قلّ صبري وضاقت حيلتي، وانغلقت عليّ المذاهب إلاّ إليك، وانسدّت عليّ الجهات إلاّ جهتك، والتبست عليّ أموري في دفع مكروهه عنّي، واشتبهت عليّ الآراء في إزالة ظلمه، وخذلني من استنصرته من عبادك، وأسلمني من تعلّقت به من خلقك، فاستشرت نصيحي فأشار عليّ بالرغبة إليك، واسترشدت دليلي فلم يدلّني إلاّ عليك، فرجعت إليك يا مولاي صاغرًا راغمًا مستكينًا عالمًا أنّه لا فرج إلاّ عندك، ولا خلاص لي إلاّ بك، انتجز وعدك في نصرتي، وإجابة دعائي، فإنّك قلت جلّ جلالك وتقدّست أسماؤك: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ، وأنا فاعل ما أمرتني به لا منًّا عليك، وكيف أمنّ به وأنت عليه دللتني، فاستجب لي كما وعدتني يا من لا يخلف الميعاد.
- الدعاء الثالث: وإنّي لأعلم يا رب أنّ لك يومًا تنتقم فيه من الظالم للمظلوم، وأتيقّن أنّ لك وقتًا تأخذ فيه من الغاصب للمغصوب، ولا يخرج عن قبضتك أحد، ولا تخاف فوت فائت، ولكن ضعفي يبلغ بي الصبر على أناتك وانتظار حلمك، فقدرتك يا ربّي فوق كلّ قدرة، وسلطانك غالب على كلّ سلطان، ومعاد كلّ أحد إليك وإن أمهلته، ورجوع كلّ ظالم إليك وإن أنظرته يا ربّ إنّي أحبّ العفو لأنك تحبّ العفو، فإن كان في قضائك النّافذ وقدرتك الماضية أن ينيب أو يتوب، أو يرجع عن ظلمي أو يكفّ مكروهه عنّي، وينتقل عن عظيم ما ظلمني به، فأوقع ذلك في قلبه السّاعة الساعة وتب عليه واعفُ عنه يا كريم، يا ربّ إن كان في علمك به غير ذلك من مقام على ظلمي، فأسألك يا ناصر المظلوم المبغي عليه إجابة دعوتي.
أسباب الظلم
الظلم من أقبح الذنوب التي يُقدم عليها الإنسان مستغلًا ضعف الآخرين، ولا مبرر يُشرع للظالم أن يفعل ذلك بالغير، إلا أننا سنعدد الأسباب التي تدعو الإنسان للإقدام على ظلم غيره من باب سد الثغرات والاحتراس لها، وهي كالآتي:[٩]
- غياب الوازع الديني: إذ يبتعد الإنسان عن دين الإسلام ويجهل معنى الظلم وآثاره السيئة على نفسه وعلى الغير، والأهم هو جهل عواقبه الوخيمة يوم القيامة حين يأخذ كل ذي حق حقه.
- وساوس الشيطان: فإبليس منذ أن طُرد من الجنة وهو في حرب مع الإنسان يحاول أن يوقعه في براثنه ما أمكن، فيوسوس له في الليل والنهار ويدفعه لعمل المنكرات وظلم الآخرين، وقد حذرنا الله سبحانه وتعالى من اتباع الشيطان فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}[١٠]، فالشيطان له مداخل لطغيان البشر ويُزين لهم أعمالهم، فيقنع الظالم بأنه على حق، فيتمادى في ظلمه حتى يصبح ظالمًا.
- حب الدنيا والشهوات: فيسعى الإنسان للبروز في عمله على حساب الآخرين، فيظلمهم دون أن يدرك أن الدنيا زائلة وأن العمل هو عمل الآخرة.
- النفس الأمارة بالسوء: التي تقف قبالة النفس اللوامة فتتحداها وتأمر الإنسان بالانكباب على الملذات وتزينها له، فيستسلم دون وعي إلا بعد فوات الأوان.
نتائج الظلم
من أهم نتائج الظلم في الدنيا قبل الآخرة هو انتزاع البركة التي لا سبيل لنيلها إلا بالتقوى والإحسان، قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}[١١]، وهنا أهل القرى ظلموا أنفسهم بعدم اتباعهم أوامر ونواهي رب العالمين، وفي موضع آخر في القرآن الكريم ذكر الله سبحانه وتعالى في سورة القلم أنه حرم أصحاب الجنة منها لأنهم حرموا الفقراء منها، وفي الحديث المذكور في الصحيحين عن انتزاع البركة بين الشركاء في البيع، قال رسول الله صلى عليه وسلم :{البيِّعانِ بالخيارِ ما لم يتفرَّقا فإن صدقا وبيَّنا بورِكَ لَهما في بيعِهما وإن كتما وَكذبا محقت برَكةُ بيعِهِما}[١٢].[١٣]
المراجع
- ↑ سورة يس، آية: 54.
- ↑ "معنى الظلم لغةً واصطلاحًا"، dorar، اطّلع عليه بتاريخ 5-11-2019. بتصرّف.
- ↑ " تفسير الآية رقم (54) - من سورة يس"، equran، اطّلع عليه بتاريخ 5-11-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة ق، آية: 29.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 108.
- ↑ سورة يونس، آية: 44.
- ↑ عبدالعال بن سعد الرشيدي (23-4-2016)، "شرح حديث: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي" alukah، اطّلع عليه بتاريخ 5-11-2019. بتصرّف.
- ↑ "دعاء المظلوم المقهور علي من ظلمه مكتوب"، fakera، اطّلع عليه بتاريخ 6-11-2019.بتصرّف.
- ↑ "«الظلم» أسبابه وعلاجه"، elnabaa، 4-2-2016، اطّلع عليه بتاريخ 5-11-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 108.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 96.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن حكيم بن حزام، الصفحة أو الرقم: 1246، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
- ↑ "الظلم من أسباب الحرمان ومحق البركة"، islamweb، 4-9-2008، اطّلع عليه بتاريخ 5-11-2019. بتصرّف.
مواضيع ذات صلة بـ : أدعية من المظلوم على الظالم