ابن سينا

يعد عصر القرون الوسطى بالنسبة لأوروبا عصر الظلام والجهل وانعدام الفكر والصراع الفكري والاجتماعي، لكنه بالنسبة للمسلمين عصر ذهبي، إذ تطور به العلم والفلسفة والرياضيات والفن، فقد تفوق علماء المسلمين بذلك، ومنهم العالم القدير ابن سينا، وابن سينا من أهم وأبرز العلماء الذين طوّروا الطب، وساهموا في إفادة البشرية، وقد ألّف الكثير من كتب الطب وكتب الفلسفة والعلوم المتنوعة، فهدف ابن سينا تمثل بنشر الفائدة بين الناس والتقليل من آلامهم، فقد كان يُقدم العلاج للناس دون الحصول على أي مقابل.^[١]

ولد العالم ابن سينا في قرية أفنشة في بخارى المعروفة الآن باسم أوزبكستان، وكان ذلك عام 980 للميلاد، واسمه الكامل هو أبو علي الحسين بن عبدالله بن الحسن بن علي بن سينا، ويرجع والده في أصله إلى بلاد فارس، وتحديدًا من مدينة بلخ الواقعة بأفغانستان، أما أمه فهي من قرية خرمتين الواقعة في بخارى، واشتهر ابن سينا في ذاك العصر، وخلف وراءه عددًا كبيرًا من المؤلفات في العديد من العلوم من أبرزها الطب، والأدوية، والفلسفة.^[٢]

دراسته

كان أبو العالم ابن سينا حاكمًا للقرية، فقد علّم ابنه بنفسه، إذ كان بيته مكانًا يجتمع فيه الناس لتلقّي العلم، وكان الطفل ابن سينا بارعًا وشديد الذكاء، فقد امتلك ذاكرة قوية، وكانت لديه قدرة عظيمة على تلقي العلم، أُصيب بسببها العلماء القادمين إلى بيت أبيه بالدهشة والاستغراب.^[١]
تلقى ابن سينا فيما بعد تعليمه في مدرسة في بخارى، ثم انضم إلى بلاط السلطان الذي عمد إلى متابعه أعماله المالية، وبدأ برحلته التعليمية، فحفظ القرآن الكريم وهو في عمر العاشرة من عمره، وتعلم الفقه والطبروالأدب، وتعلم الفلسفة على يد عالم متخصص بالمنطق وعلوم الفلسفة من منطقة بخارى، واسمه أبو عبد الله النائلي الذي كان في ذاك الوقت من أبرز الفلاسفة، فقد فرغ نفسه كي يُعلم ابن سينا كتاب "إيساغوجي" المدخل إلى علم المنطق، وبقي يُعلمه إلى أن انتقل من بلاد بخارى.^[٣]
عندما بلغ ابن سينا عمر 13 بدأ بدراسة الطب وأتمه وأتقنه وهو في عمر 16، وقيل بأنه عالج السلطان نوح بن منصور وهو لم يتم عمر 18 من عمره بعد، وكان علاجه للسلطان فرصة لا يمكن تفويتها للانضمام إلى بلاط السلطان، وقد سُمح له باستخدام المكتبة الملكية متى أراد.^[٣]
تعلم ابن سينا اللغة من الخوارزمي، وتعلم أيضًا كل من المنطق والرياضة والفقه والجغرافيا، كما كان شغوفًا بالقراءة يقرأ طوال النهار، كما درس حسابات الهند وكتاب أحكام المنطق وإقليدس فحفظهم تمامًا، وأتم تعليمه بنفسه إلى أن أصبح عالمًا كبيرًا وطبيبًا وفيلسوفًا، وهو أول عالم يكتب عن مجال الطب، فكتاب "القانون" من أشهر كتبه في الطب، والذي كان وما يزال مرجعًا أساسيًا لعلم الطب، وهو من وصف أعراض حصى المثانة، والتهاب السحايا، وعلل سبب اليرقان، وغيرها الكثير.^[٣]

ابن سينا والعلوم

• علم الفلك: رصد ابن سينا عبور كوكب الزهرة من دائرة قرص الشمس بالعين المجردة، واعترف بهذا الأمر العالم الفلكي الإنجليزي جيرما روكس، وعمل ابن سينا بالرصد، واخترع جهاز يرصد إحداثيات النجوم، ونتيجة لذلك ألف العديد من الكتب كالأجرام السماوية، وإبطال أحكام النجوم، ورسالة الآلة الرصدية والأرصاد الكلية.
• علم الأحياء: اهتم ابن سينا بعلم تطبيقات الأرض، ومنها تكوين المعادن، والحجارة، والجبال، فقد توصل إلى أنها تشكلت من الطين، ومن الخصب اللزج، واهتم أيضًا بدراسة الزلازل وبتعليل أسباب حصولها، وبيّن كيفية تكوّن السحب، إذ توصل إلى أن البخار هو من يُكوّن السحب والجليد والمطر والبرد والثلوج وقوس القزح.
• علم النبات: قارن ابن سينا بين أزهار النباتات وبين أوراقها وجذورها، وأوضح بأن هناك أنواع للتربة وعناصر ضرورية لنمو النباتات، كما تكلم عن الظاهرة المُساعدة على نمو الأشجار والنخيل.
• الفلسفة: امتد فكر ابن سينا الفلسفي من فكر الفارابي، فقد أخذ منه نظرية الصدور، والفلسفة الإلهية والطبيعية، ودرس نظرية النفس، وطوّرها، وظهر لابن سينا الكثير من المعارضين على أفكاره، والذين قالوا بأن الروح لا تفارق الجسم يوم القيامة، وغيرها من الأمور.^[٣]

اكتشافاته الطبية ومؤلفاته

اكتشف ابن سينا الكثير من الأمراض التي ما زال قسم كبير منها منتشرًا إلى يومنا الحاضر، فهو مُكتشف "الإنكلستوما" المعروفة في كتابه "القانون في الطب" في الفصل المختص بالديدان المعوية باسم الدودة المستديرة، وقد تكلم عنها بالتفصيل وعن أعراض الإصابة بها، وابن سينا هو أول شخص يُفرّق بين الشلل الخارجي والداخلي الحاصل في الدماغ، كما أنه أول من وصف التهاب السحايا، والسكتة الدماغية الحاصلة من تجمع دم كثير، كما فرّق بين المغص الكلوي، والمغص المعوي وأعراضهما.^[٣]

فيما ياتي بعض من مؤلفات ابن سينا:^[٤]

• الرياضيت: من مؤلفاته في الرياضيات رسالة الزاوية، ومختصر علم الهيئة، ومختصر الأرتماطيقي، ومختصر إقليدس، ومختصر المجسطي.
• الطب: من مؤلفاته في الطب كتاب القانون الذي كان يُدرّس في جامعات أوروبا إلى نهاية القرن التاسع عشر، وكتاب الأدوية القلبية، والقولنج، ورسالة في الأغذية والأدوية، والألفية الطبية، وأروزة المجربات في الطب.
• الطبيعة: من مؤلفاته الخاصة بالطبيعة وتوابعها رسالة في إبطال أحكام النوم، ورسالة في الأجرام العلوية، وأسباب البرق والرعد، ورسالة في النبات والحيوان، ورسالة في الفضاء.

وفاته

خرج ابن سينا من همدان سنة 1022، وذهب إلى أصفهان، وألف فيها الكثير من الكتب المتعلقة بالفلسفة، والطب، والأدب، وتعرّض ابن سينا لآلام حادة بالبطن عام 1037، وعالج نفسه بواسطة حبوب من الكرفس حضرها بنفسه، غير أن أحد مساعديه ضاعف نسبة المادة الفعّالة في الدواء الأمر الذي أدى إلى إصابته بالقرحة، وعند صنع أدوية أخرى له حاول أحدهم تسميمه، وفي وقتٍ لاحقٍ نجحت محاولة أخرى بتسميمه، ومات بسببها خلال رحلته التي كانت متوجهة إلى همدان.^[١]

المراجع

1. ^ ^{أ ب ت} "من هو ابن سينا"، arageek، 2018-12-29، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-9. بتصرّف.
2. ↑ hadeer said (2019-1-14)، "أين ولد ابن سينا"، المرسال، اطّلع عليه بتاريخ 2919-6-9. بتصرّف.
3. ^ ^{أ ب ت ث ج} يسرا شكاكي (2018-8-16)، "بحث عن ابن سينا في حياته وعلومه ومؤلفاته"، مجلتك، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-9. بتصرّف.
4. ↑ "ابن سينا"، ويكي الاقتباس، 2018-3-5، اطّلع عليه بتاريخ 2019-6-9.