أين ولد الإمام الشافعي
نهاد محمد إدريس الشريف - آخر تحديث:
١٠:٤٤ ، ٨ مارس ٢٠٢٠

محتويات
الإمام الشافعي
هو محمد بن إدريس الشافعيّ المطَّلِبيّ القرشيّ (150-204هـ / 767-820 م)، وهو أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، والذي ينسب له المذهب الشافعي في الفقه الإسلامي، وهو من أسس علم أصول الفقه، بالإضافة إلى أنه إمام في علم التفسير وعلم الحديث، كان قد عمل قاضيًا فاتصف بالعدل والذكاء، وكان الشافعي صاحب لسان فصيح شاعر، وكان راميًا ماهرًا ورحّالًا كثير السفر،[١] وكان منذ نشأته يتصف بالذكاء الخارق الشديد، وكان سريع الحفظ قوي الذاكرة، محبًا ومجتهدًا في طلبه للعلم، حفظ القرآن الكريم وهو صغير في العمر، وكان يحفظ الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة.[٢]
مكان مولد الإمام الشافعي
ولد الإمام الشافعي في مدينة غزة الفلسطينية، وفي بعض الروايات ذُكر أنه ولد في مدينة عسقلان، والتي هي أيضًا مدينة فلسطينيّة تبعد عن غزة عدة كيلومترات، وبعض الروايات الأضعف ذكرت أنه ولد في اليمن، ولكن الأرجح أنه ولد في غزة عام 150هـ، وينحدر نسبه في الأصل من بني هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف، فهو بذلك يلتقي مع الرسول صلى الله عليه وسلم في عبد مناف، وبحسب المؤرخين فإن الإمام قد عاش يتيمًا، إذ بقي مع أمه التي تنحدر من قبيلة الأزد، فعاشوا حياة اليتم والفقر، مما دعاها للانتقال به إلى مكة المكرمة، وكان عمره آنذاك لا يتجاوز العامين.
ولأهل منطقة ولادة الإمام رضي الله عنه مقولة تفيد بأنه ولد يوم وفاة أبي حنيفة، إذ قال الناس :"ولد إمام ومات إمام"، فكان انتقال أمه به إلى مكة لعدة أسباب، أهمها المحافظة على نسبه، وكي ينشأ نشاةً قائمة على التقوى وطلب العلم، فالراجح أن الإمام حفظ القرآن الكريم في سن السابعة، وكان شجيّ الصوت عند القراءة، فالبعض نقل عن أنه كان عندما يقرأ القرآن بصوته يعج الناس بالبكاء من صوته.[٣]
مسيرة الإمام الشافعي العلمية
درس الشافعي اللغة العربية وقواعدها، وكان قد رحل في سبيل التعلم إلى البادية، وعاش في قبيلة هذيل ما يقارب عشرة أعوام، وذلك ليتعلم من كلامها، إذ تعد قبيلة هذيل من أفصح العرب لسانًا، فحفظ أشعارها وأخبارها، وواصل الإمام الشافعي في طلب العلم والأخذ به لينتفع وينفع الآخرين، وألف كتبًا كثيرةً وصل عددها إلى 113 كتابًا، وكان أشهرها كتاب الأم الذي جمع فيه مذهبه، وكان قد وضعه في مصر.[١]
برع الإمام في دراسة الفقه الإسلامي على يدّ شيوخ مكة وعلمائها، في الوقت الذي سمع فيه عن الإمام مالك وكتابة الشهير الموطأ، مما حفزه للالتقاء فيه في مكان إقامته في المدينة المنورة ليأخذ كتاب توصية لوالي المدينة كي يسهل عليه ذلك لقاء الإمام مالك، وتشير الرواية التي نقلها لنا السلف بأنه حين وصول الإمام الشافعي لوالي المدينة كي يستدعي الأمام مالك للقائه، وقد رفض الوالي ذلك وفضّل أن يذهب هو والإمام الشافعي دار الإمام مالك، وبعد المناقشة اتفقوا على أن يأخذه الإمام مالك تلميذًا عنده، ليسمع منه الموطأ الذي يعد من أهم كتب الفقه الإسلامي، ليبقى الإمام الشافعي تلميذًا للإمام مالك حتى توفى الله الإمام مالك عام 179 هـ، وقد تزامن ذلك بزيارة والي اليمن للمدينة، فطُلب منه اصطحاب الإمام معه لليمن حتى ينجز بعض الأعمال المتعلقة بولاية اليمن آنذاك، فذهب معه الشافعي لليمن، والذي تقلى فيها مزيدًا من العلم على يد عالم يدعى "مطرف بن مازن"، وقد لاقى الإمام في اليمن الترحيب والاحتضان من واليها وأهلها على حدّ سواء، وتمتع بالسمعة الطيبة والذكر الحسن فيها.
ولكن هذا الوضع للشافعي في اليمن لم يرق للبعض ممن يسعون للسلطة لخوفهم من أن ينتزعها الإمام منهم، فدبروا له مكيده تفيد بأنه يتزعم مؤامرة ضدّ الخلافة عمومًا، فطلبة الخليفة في العراق وهو الرشيد ليأتي إلى العراق مع العلويين، وعند وصولهم للعراق قُتلوا جميعهم على يد الرشيد عدا الشافعي، وبعد نقاش طويل مع الرشيد بوجود "محمد بن الحسن" الذي كان على علاقة بالإمام في الحجاز سابقًا، فتشفع له عند الخليفة الرشيد فعفى عنه، فتلقّى العلم في بغداد على يد العديد من العلماء أهمهم وكيع بن الجراح، وكان مقيمًا في بغداد بضيافة محمد بن الحسن الذي سهّل له إقامته وسبل العيش فيها، وبالتالي كانت له فرصة بأن يزداد إلمامًا بفقه أبي حنيفة وآرائه، ولكن وشيه بعض المقربين من الخليفة ليعود إلى مكة والإقامة فيها، وبعد فترة عاد لبغداد ومكث فيها مدّة سنتين لدراسة العلم، وعاد لمكة ورجع إلى بغداد للمرة الثالثة في عام 198هـ، لينتقل بعد فترة وجيزة إلى مصر بصحبة واليها العباس بن عبد الله، فأحسن المصرون الترحيب بالإمام وأنزلوه منزلًا يليق به، ليبقى في مصر حتى وفاته، ودفن في القاهرة تاركًا وراءه ولدين وابنة واحدة، فالإمام رحمه الله تزوج من امرأة واحدة فقط.[٤]
مذهب الإمام الشافعي وأشهر تلاميذه
المذهب عمومًا هو منهج فقهي يسير وفقه مجتهد ليختار بناءً على هذا المنهج عددًا من الأحكام الشرعية، وبالتالي فهو رأي المجتهد في هذه الأحكام، والتي استنبطت من الأدلة والقواعد التي بُنبت عليها، وتفيد دراسة المذاهب في فهم ألفاظ الفقهاء، والتدرج في فهم القضايا الفقهية وربطها بما يمتلك الفقيه من أدلة، فمذهب الإمام الشافعي هو اجتهاداته خلال حياته العلمية، وذلك في الأصول أو الفروع التي ضمت كتاباته، وكذلك ما نقله لتلاميذه من هذه الآراء، وهم بدورهم اختصروها في كتب شهيرة كالبويطي ومختصر المزني.
فمذهب الشافعية هو كلّ الجهود التي طرحها منتسبي هذا المذهب، ونتج عن ذلك الالتزام بها، فقد كان الإمام أحمد بن محمد بن حنبل من أبرز تلاميذه ومن تلقّى العلم على يده في بغداد، فكان يقول الإمام الشافعي: " ما رأيت أعقل من أحمد"، فالإمام أحمد بن حنبل هو من يرجع إليه الفضل في اعتراض الفتنة التي أحدثها ما يُسمى بالمعتزلة في عهد خلفاء بنى عباس، فقد ظل ثابتًا على الحق، إذ أُطلق عليه إمام أهل السنة والجماعة آنذاك.[٥]
صفات الإمام الشافعي ووفاته
كان الإمام الشافعي يُعرف بكرمه الشديد وعزة نفسه، فلم يسبق أن طلب من أحد نقودًا قط، ولا أن سأل أحد عن دين له، وكان إذا احتاج المال باع شيئًا ليس بحاجته أو باع حليّ زوجته وابنته، ويقال أن الشافعي كان قد مرّ على سوق الحذائين وهو راكب على حماره فسقط من يديه سوطه، فجاء فتى من السوق وأخذه ومسحه بملابسه وأعطاه للشافعي، وكان قد أمر الفتى الذي يصاحبه أن يعطي الفتى الذي التقى السوط الأموال التي معه، وقال له الفتى أنه لا يعلم كم من الدنانير بحوزته ولكنه ليس بالكثير هم أقل من تسعة دنانير، وقال ذلك رغبة منه بعد منح الغلام النقود، فقال له الإمام الشافعي حتى ولو بحوزتك واحدة اعطها له مكافأة على العمل الجميل الذي قام به،[٦] وقيل في سبب وفاة الإمام الشافعي هو مرض البواسير الذي أصيب به في آخر أيام حياته، وقد توفي في آخر ليلة من شهر رجب في سنة 204 هـ، وكان يبلغ من العمر أربعة وخمسين عامًا.[٧]
المراجع
- ^ أ ب إبراهيم خليل إبراهيم، "الإمام الشافعى الفقيه الشاعر"، diwanalarab، اطّلع عليه بتاريخ 28-7-2019. بتصرّف.
- ↑ إبراهيم خليل إبراهيم (26-2-2009)، "الإمام الشافعى الفقيه الشاعر"، diwanalarab، اطّلع عليه بتاريخ 31-7-2019. بتصرّف.
- ↑ "الأمام الشافعي"، islamguiden، اطّلع عليه بتاريخ 27-5-2019. بتصرّف.
- ↑ "سيرة الإمام الشافعي ( رحمه الله )."، aqsaonline، 3-6-2008، اطّلع عليه بتاريخ 27-5-2019. بتصرّف.
- ↑ د. فارس العزاوي (11-6-2009)، "التعريف بالشافعية ومؤلفاتهم"، alukah، اطّلع عليه بتاريخ 27-5-2019. بتصرّف.
- ↑ "قصص من حياة الامام الشافعي"، almrsal، اطّلع عليه بتاريخ 31-7-209. بتصرّف.
- ↑ "محمد بن إدريس الشافعي"، marefa، اطّلع عليه بتاريخ 31-7-2019. بتصرّف.