الملكة بلقيس

هي ملكة من سبأ نالت شهرة واسعة لأنها عاصرت سيدنا سليمان عليه السلام الذي عاش حسب غالبية الأقوال في القرن العاشر قبل الميلاد، وقيل أن اسمها اسم علم مؤنث مكون من كلمة واحدة كأي اسم، وقيل هو مشتق من تساؤل بعض أهل حمير عن سيرتها فقيل بلقيس أي بالقياس، وقيل أنه كلمة يونانية معناها الجارية، ومن المجتهدين مَن رجح أن اسمها مشتق من بنت القيس ومع التحريف أصبحت بلقيس، وسنتحدث في هذا المقال عن موقع المعلم الحضاري الهام الذي خلفته الملكة بلقيس وهو قصر بلقيس.^[١]

على الرغم من أن المصدرين الأساسيين لقصة بقليس هما القرآن الكريم، والتوراة، إلا أنهما لم يوردا اسمها صريحًا، فمما جاء في الأخير أنها ملكة سبأ وملكة الجنوب وملكة تيمنا، وأما ما جاء في القرآن الكريم ففي قوله تعالى: {وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ، إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} [النمل: 22-23]، فيما تطرقت لها المصادر العربية خاصة كتاب التيجان لابن هشام، وكتاب الإكليل للهمداني، والقصيدة الحميرية لنشوان الحميري، ومما جاء في القصة أنها قررت امتحان نبوة سيدنا سليمان، فحملت معها هدايا كثيرة ودخلت بيت المقدس، فاستقبلها سيدنا سليمان بالترحاب، وبهرتها حكمته وخدمة الجن له، ثم قال لها ادخلي الصرح الزجاجي الأبيض، وأرسل الماء من تحته ثم وضع سريرًا فيه فجلس عليه، فلما رأته الملكة حسبته ماءً لتخوض فيه وكشفت عن ساقيها، لكنها استدركت أنه صرح ممرد من قواير، فأقرت بحكمته ونبوّته ثم أعلنت إسلامها.^[١]

أين يقع قصر بلقيس

يتربع قصر بلقيس في جمهورية اليمن، ويتبع محافظة مأرب، ويقع تحديدًا على الطريق الواصل بين محافظة مأرب وحضرموت، وهي منطقة صحراوية وجزء من صحراء الربع الخالي، يعرف القصر بأسماء عديدة منها عرش بلقيس، ومعبد بران، ومعبد الشمس، وغير ذلك.^[٢]وتقع محافظة مأرب على بعد 173 كيلو متر إلى الناحية الشمالية الشرقية من العاصمة اليمنية صنعاء، تحدها محافظة الجوف شمالًا، وكل من شبوة والبيضاء جنوبًا، وكل من شبوة وحضرموت شرقًا، والعاصمة صنعاء غربًا، وتضم المحافظة 14 مديرية مركزها مدينة مأرب، تنعم أراضيها بموارد طبيعية من المعادن الهامة كالجرانيت، والملح الصخري، والجبس، والرخام، كما تشتهر أيضًا بإنتاج المحاصيل الزراعية، بل تحتل المرتبة الثالثة بين محافظات اليمن في هذا المقام بنسبة 7.6% من إجمالي المحاصيل، وتعد أول محافظة كشف فيها عن ثروة الذهب الأسود.^[٣]

وقصر بلقيس هو مبنى تاريخي أثري يوحي بالعراقة والأصالة، يتربع وسط كثبان الصحراء الرملية حيث الصمت المطبق وصفير الرياح، وهو أثر لملكة استثنائية سطرت اسمها في كتب التاريخ، وكان لها حضورًا مميزًا في سيرة نبي الله سليمان عليه السلام، كما حضرت في الأدب والفن، وإن أول ما يراه الزائر هو السياج المربع الذي يحيط بالقصر من جميع الجهات، وهو مبني من حجارة متناسقة، يتوسطه بئر، وسلم مرمري يؤدي إلى الهيلك، وهناك 6 أعمدة عظيمة يزيد طول الواحد منها عن 12 مترًا، وهي مكللة بتيجان مزخرفة، علمًا أن أحد الأعمدة مكسور، وخلفها يوجد منصة رائعة يقال أنها موضع عرش الملكة بلقيس، وتجدر الإشارة إلى أن المعهد الألماني للآثار، وبالتعاون مع حكومة اليمن أجرى تنقيبات أثرية واسعة في المكان سنة 1977، فكشف عن التحقة الفنية العظيمة، ثم أخضعها لترميمات متواصلة حتى عام 2000 أي على مدى 22 عامًا، وهذا العمل العظيم إنما يعبر عن مدى أهمية المعبد وأهمية المحافظة عليه فهو أضخم معبد يمني قبل الإسلام كان مبنيًا لعبادة القمر وهو إله أهل سبأ، وقد بات اليوم وجهة سياحية يقصدها الزوار من شتى بقاع الأض، لا سيما بعد أن أدرج أعجوبة ثانية تضاف إلى عجائب الدنيا السبع القديمة المعروفة.^[٤]

وقد عثرت البعثة الأثرية على بقايا هدايا نذرية كان يتقرب بها زوار المعبد إلى آلهتهم، ومنها التماثيل، والمذابح، والمباخر، والنقوس، وكلها تشكل أرشيفًا كاملًا عن الاحداث التي مرت بها دولة سبأ منذ الألف الأول قبل الميلاد، من هنا يؤكد الباحثون أن قصر بلقيس ليس معبدًا فحسب، بل هو مركز توثيق للدولة السبئية، وقد أصبح لدى اليمنيين القدماء نموذجًا يحتذى به في بناء المعابد في مهاجرهم خارج اليمن، ومما يؤكد ذلك تأسيسهم معبد مدينة يحا في العاصمة التي أقاموها في الحبشة، ومما ينبغي التنويه إليه أن الموقع يفترض أن يكون وجهة سياحية هامة، إلا أن الأوضاع السياسية غير المستقرة حالت دون ذلك، فغدا القصر خرابًا مهجورًا.^[٤]

معالم حضارة سبأ

فيما يلي نذكر بعض المعالم الموجودة في سبأ^[٥]:

• سد مأرب: هو رمز الحضارة السبئية، يعود تاريخه إلى القرن الثامن قبل الميلاد، وما زالت بعض شواهده حاضرة حتى يومنا هذا.
• سد الجفينة: يبعد عن مركز محافظة مأرب 8 كيلومترات إلى الناحية الجنوبية الغربي، بني في العصر السبئي الأول.
• المعابد الدينية: من أبرزها معبد أوام أو محرم بلقيس، ومعبد بران أو عرش بلقيس، ومعبد حرونم أو ما يعرف باسم مسجد سليمان، ومعبد سبأ الأكبر الذي ما زال قيد الحفر والتنقيب للكشف عن مكنوناته.
• مدينة براقش: تقع على طريق حزم الجوف، تبعد عن العاصمة اليمنية 125 كيلو متر، بنيت فوق تل عالٍ لقلعة محافطة بسور ارتفاعه 8 أمتار، وباتت وجهة سياحية كونها تولت تأسيس الدولة المعينية.

المراجع

1. ^ ^{أ ب} "بلقيس ملكة سبأ"، المركز الوطني اليمني للمعلومات، اطّلع عليه بتاريخ 29-6-2019. بتصرّف.
2. ↑ هاني ضوّه (2-8-2016)، "بالصور والفيديو .. عرش "بلقيس" الذي أحضره سيدنا سليمان"، مصاروي، اطّلع عليه بتاريخ 29-6-2019. بتصرّف.
3. ↑ "نبذة تعريفية عن محافظة مأرب"، المركز الوطني اليمني للمعلومات، اطّلع عليه بتاريخ 29-6-2019. بتصرّف.
4. ^ ^{أ ب} عبد الغني المقرمي (24-3-2014)، "معبد برَّان.. هنا عاشت بلقيس سبأ"، الجزيرة، اطّلع عليه بتاريخ 29-6-2019. بتصرّف.
5. ↑ "السياحة في محافظة مأرب"، السياحة في اليمن، اطّلع عليه بتاريخ 29-6-2019. بتصرّف.