عبد الحميد بن باديس

الشيخ عبد الحميد بن محمد بن باديس الصنهاجي، وهو من أبرز العلماء الجزائريين الذين قاوموا الاستعمار الفرنسي من خلال نشر الوعي والعلم في صفوف الشعب الجزائري، ولد ابن باديس في مدينة قسنطينة في الجزائر يوم الأربعاء في الحادي عشر ربيع الثاني سنة 1307 هـ الموافق للرابع من شهر ديسمبر عام 1889م، ونشأ في أسرة تهتم بالأدب والعلم، حفظ القرآن الكريم في الـ 13 من العمر، وقد أصيب في آخر حياته بسرطان في الأمعاء، وفي مساء يوم الثلاثاء الثامن من ربيع الأول عام 1359 هـ الموافق 16 من إبريل سنة 1940م توفي الشيخ ابن باديس في مسقط رأيه، وودعته قسنطينة كلها، ودفن في مقبرة آل بادي في قسنطينة، وجمعت آثار علمية كثيرة له بعد وفاته منها^[١][٢]:

• مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير.
• كتاب رجال السلف ونساؤه.
• العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.
• مجالس التذكير من حديث البشير النذير.

حياة عبد الحميد بن باديس

تعلم ابن باديس على يدي الشيخ أحمد أبوحمدان الونيسي العلوم الإسلامية ومبادئ العربية في جامع سيدي محمد النجار، ثم التحق بجامع الزيتونة في تونس سنة 1908م، وتلقى في تونس العلوم من أكابر العلماء أمثال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور، والعلامة محمد النخلي القيرواني، والشيخ محمد الخضر الحسين، وقد تخرّج الشيخ من الجامع في سنة 1912م، وبقي لعام آخر للتدريس حسب تقاليد الجامعة، وشرع في إلقاء الدروس في الجامع الكبير في قسنطينة ولكنه تعرّض لمضايقات من خصوم الإصلاح، فقرر الانتقال إلى مكان آخر؛ فتوجه إلى الحجاز سنة 1913م، وأدى فريضة الحج، ثم ذهب إلى المدينة المنورة، وتعرف هناك على علماء عظماء منهم الشيخ حسين الهندي الذي نصحه باستثمار علمه في الإصلاح والعودة إلى الجزائر، وقد ذهب ابن باديس بعد أن غادر الحجاز إلى مصر وبلاد الشام واجتمع برجال الأدب والعلم وزار الأزهر.^[٣][٢][١]

عاد ابن باديس إلى الجزائر وبدأ طريق نضاله فيها بإلقاء الدروس في المساجد؛ إذ كان يرى أن طريق تحرر البلاد لا بد أن يمر بتحرير العقول من الجهل والتشويه، واتسع عمل ابن باديس ليشمل طرقًا أخرى تمر بمختلف فئات المجتمع، وحرص ابن باديس على تعليم البنات ودعوة آبائهن لإرسالهن للجمعيات التعليمية وضمان التعليم المجاني لمن لا تستطيع دفع التكاليف، واتجه ابن باديس للصحاف ةوأصدر جريدة المنتقد سنة 1925م لكنها أغلقت بعد العام الثامن، ثم أصدر جريدة أسبوعية تسمى الشهاب وبث فيها آراءه الإصلاحية، واستمرت حتى سنة 1929م ثم تحولت إلى مجلة علمية شهرية، وتوقفت سنة 1939م لاندلاع الحرب العالمية الثانية، ودعا إلى مؤتمر إسلامي سنة 1936م يضم جميع التنظيمات السياسية لدراسة قضية الجزائر، واستجابت أكثر التنظيمات لدعوته بالإضافة إلى بعض الشخصيات المستقلة، وأسفرت نتائج المؤتمر عن المطالبة ببعض حقوق الجزائر، وإرسال وفد إلى فرنسا ليعرض هذه المطالب وكان ابن باديس ضمن الوفد، لكن مهمة الوفد فشلت لأن فرنسا لم تستجب لأي مطلب. ^[٢][٤]

منهج عبد الحميد بن باديس وشخصيته

إن شخصية ابن باديس شخصية ثرية وغنية، وهو عالم ومفسر؛ فقد فسر القرآن الكريم خلال 25 سنة في دروسه اليومية، وقد شرح موطأ الإمام مالك في هذه الفترة، وهو سياسي كتب في الجرائد والمجلات التي أصدرها عن واقع المسلمين في الجزائر خاصة، وهاجم فرنسا وأساليبها الاستعمارية، وشرح أصول السياسة الإسلامية، وأخذ على عاتقه تربية الأجيال في المساجد والمدارس، وأنشأ المدارس واهتم بها، وقد تولى تسيير شؤون جمعية العلماء، وتفقد القاعدة الشعبية باتصاله الدائمة، وتعد آثار ابن باديس آثارًا علمية قبل أن تكون نظرية في مؤلف أو كتاب، وكانت تتمثل نظرية ابن باديس في التربية أنها تبدأ من الفرد نفسه؛ لأن إصلاح الفرد هو الأساس، وانتقد عبد الحميد مناهج التعليم التي سادت الدولة حين تلقيه العلم لاهتمامها بالألفاظ والفروع؛ فقد قال: (واقتصرنا على قراءة الفروع الفقهية، مجردة بلا نظر، جافة بلا حكمة، وراء أسوار من الألفاظ المختصرة، تفني الأعمار قبل الوصول إليها).^[٢]

إن البيئة الأولى التي ينشأ فيها الإنسان لها أثر كبير في تكوين شخصيته؛ وعندما يتفتح الذهن على احتلال فرنسي ومعاناة من الاستسلام والجهل في البدع؛ فإن هذا سيكون باعثًا لأصحاب الهمم على القلق حتى يحقق لأمته ولدينه ما يدع واجبًا عليه، وبروز شخصية ابن باديس من بيئة ثرية يعد دليلًا على إحساسه الكبير تجاه الظالمين والظلم، وللبيئة العلمية والفترة الزيتونية ورحلاته أثر كبير في تكوين شخصيته وعقيدته.^[٢]

المراجع

1. ^ ^{أ ب} "قاوم الاستعمار الفرنسي بنشر العلم ودافع عن حق الإناث بالتعليم.. ماذا تعرف عن الشيخ الجزائري عبد الحميد بن باديس"، arabicpost، اطّلع عليه بتاريخ 17-8-2019. بتصرّف.
2. ^ ^{أ ب ت ث ج} "عبد الحميد بن باديس"، marefa، اطّلع عليه بتاريخ 17-8-2019. بتصرّف.
3. ↑ "نبذة تاريخية عن عبد الحميد بن باديس"، almrsal، اطّلع عليه بتاريخ 17-8-2019. بتصرّف.
4. ↑ "عبد الحميد بن باديس.. مجدد مصلح أم شيخ خاضع للاستعمار؟!"، blogs.aljazeera، اطّلع عليه بتاريخ 17-8-2019. بتصرّف.